Sonntag, 12. März 2017

علاج السحر الخارجي والسحر الداخلي

********

الرقية : تصل إلى ما لا تصل إليه كثير من الأدوية خصوصا في السحر الخارجي ، فالرقية تبطل السحر في مكانه أينما كان وكيفما كان بل واستفراغه من الجسد بإذن الله تعالى ، وقد يستفرغ المسحور مادة السحر وقت القراءة أو على إثرها ، ولكن ليكن في المعلوم أن علاج السحر في الغالب يستغرق علاجه من ستة أشهر إلى عامين ، تزود هذه المدة أو تنقص بحسب المنهج الذي يسلكه المسحور في العلاج من بعد إذن الله تعالى  .

وأفضل الرقى لعلاج السحر قراءة سورة البقرة كاملة في أي وقت في كل يوم لمدة ثلاثة أشهر أو نحوهـا ، فعن أبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيّ. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "اقْرَأُوا الْقُرْآنَ ، فَإِنّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعاً لأَصْحَابِهِ ، اقْرَأُوا الزّهْرَاوَيْنِ: الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ ، فَإِنّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنّهُمَا غَمَامَتَانِ ، أَوْ كَأَنّهُمَا غَيَايَتَانِ ، أَوْ كَأَنّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافّ. تُحَاجّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا، اقْرَأُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ ، فَإِنّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ ، وَلاَ يَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ"، قَالَ مُعَاوِيةُ: بَلَغَنِي أَنّ الْبَطَلَةَ السّحَرَةُ " وبركة سورة البقرة ليست في علاج السحر فقط بل للعين والمس وطرد الشياطين وكثير من الأمراض الأخرى وفي هذه السورة المباركة أسرار لا يعلمها إلا الله "  .
ومن الرقى المجربة في علاج السحر قراءة آيات السحر المذكورة في الأعراف ويونس وطه نحو ما هو مذكور في رقية المسحور .

علاج السحر المأكول والمشروب

   يقول ابن القيم الجوزي في كتابه الطب النبوي: الاستفراغ في المحل الذي يصل إليه أذى السحر ، فإن للسحر تأثيرا في الطبيعة ، وهيجان أخلاطها ، وتشويش مزاجها فإذا ظهر أثره في عضو وأمكن استفراغ المادة الرديئة من ذلك العضو نفع جدا .أ.هـ.

الإسهال : يمكن أن يستخدم السنا أو زيت الخروع أو الملح الإنجليزي لهذه الغاية وحبذا لو قرئ عليها أو أخذت مع ماء قرئ عليه الرقية الشرعية ، وكلها نافعة بإذن الله تعالى ومجربة في استخراج السحر ، خصوصا عندما يتحرك السحر في البطن ، الســنا
 عن عُتْبَة بْن عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلَهَا بِمَ تَسْتَمْشِينَ قَالَتْ بِالشُّبْرُمِ قَالَ حَارٌّ جَارٌّ قَالَتْ ثُمَّ اسْتَمْشَيْتُ بِالسَّنَا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَوْ أَنَّ شَيْئًا كَانَ فِيهِ شِفَاءٌ مِنَ الْمَوْتِ لَكَانَ فِي السَّنَا . روه الترمذي وابن ماجة وأحمد.  وفي رواية : "عليكم بالسنا و السنوت فإن فيهما شفاء من كل داء إلا السام و هو الموت "  (حديث حسن) انظر حديث رقم: 4067 في صحيح الجامع.‌

والسنا عشبة معروفة عند الأطباء والعطارين وتستخدم كعلاج ملين ، وقال عنه أهل المعرفة بأنه مأمون الغائلة يقوي القلب، وينفع من الوسواس السوداوي والصداع العتيق والبثور والحكة والصرْع ويسهل بلا عنف .

وطريقة استخدام السنا: تكون بوضع مقدار من السنا حوالي "20 غم"  في لتر من الماء ويفضل أن يضاف إليه قليل من الزنجبيل والتمر الهندي والحبة السوداء وزهرة البنفسج ، ثم يوضع على نار هادئة حتى يغلي ، وبمجرد أن يغلي أنزله من النار ، واتركه حتى يبرد ومن ثم يصفى من الورق والتفل ( الرغوة) ، ويشرب منه المريض في أول مرة كأساً واحداً ، وبعد أسبوع كأسين ، وعندما يعتاد عليه يشرب منه الكمية التي تتناسب مع عمره وجسمه على الريق يضاف إلى كل كأس ملعقة من العسل " إن وجد " ، وبعد بضع ساعات يبدأ مفعول السنا في استفراغ جميع ما في البطن من فضلات ، وبإذن الله تعالى تخرج مادة السحر أو بعضها إذا كان السحر مأكولا أو مشروبا ومستقراً في المعدة أو الأمعاء ، وحبذا لو تكرر هذه الطريقة في كل أسبوع مرة لمدة شهر وفي كل أسبوعين مرة في الشهر الثاني وفي كل ثلاثة أسابع مرة في الشهر الثالث .
نصائح في المسهل
هذه بعض النصائح التي يذكر أهلها العلم
·     من الخطأ أن يشرب المسهل وفي الأمعاء ثقل يابس " إمساك شديد متحجر " بل يجب أن يخرجه ولو بحقنة أو بمرقة مزلقة.
·   وإذا شرب إنسان المسهل فالأولى به إن كان دواؤه قوياً أن ينام عليه قبل عمله فإنه يعمل أجود ، وإن كان ضعيفاً فالأولى به أن لا ينام عليه فإن الطبيعة تهضم الدواء.
·     وإذا أخذ الدواء " المسهل " يعمل فالأولى أن لا ينام عليه كيف ما كان .
·     وينبغي أن لا يتحرك كثيراً على الدواء بل يسكن عليه لتشتمل عليه الطبيعة فتعمل فيه فإن الطبيعة ما لم تعمل فيه لم يعمل هو في الطبيعة .
·     وينبغي أن يتشمم الروائح الطيبة المانعة للغثيان مثل روائح النعناع والسذاب والكرفس والسفرجل والورد.
·   ويجب أن يتجنب المشروبات الباردة ، ويتجرع وقتاً بعد وقت من الماء الحار بقدر ما يسهّل الدواء ويخرجه . و لا يكسر قوته " المسهل " إلا في وقت الحاجة إلى قطع الإسهال وفي تجرع الماء الحار أيضاً كسر من عادية الدواء.
·     ويجب على شارب الدواء أن لا يأكل ولا يشرب حتى يفرغ الدواء من عمله.
·     وأن لا ينام على إسهاله أيضاً .
·     ويجب أن لا يغسل المقعدة بماء بارد بل بماء حار.
·     وشرب ماء الشعير بعد الإسهال يدفع غائلة المسهل ويغسل ماء النزل بالممازجة.
·     ويفضل شرب الدواء " المسهل " ربيعاً أو خريفاً.
·     عدم المبالغة في  استخدام المسهلات ، بل للحاجة وعند الضرورة يمكن استخدام الدواء في كل أسبوع مرة واحدة وذلك في حالات السحر المأكول والمشروب ... راجع باب الأعشاب والعلاج المركب.

القيء : لا يوجد في الأدوية الحديثة دواء أعلمه يجعل الإنسان يتقيأ ما في بطنه إلا ما تستخدمه المستشفيات في بعض حالات التسمم ، ولكن يمكن للمسحور أن يضع إصبعه في فمه ويحاول أن يستفرغ ، أو يحضر كأس ماء قرئ عليه الرقية ويضع عليه ثلاث ملاعق كبيرة من ملح الطعام ويشربه فإنه في الغالب يتقيأ ما في بطنه ويمكن أن يضاف اليه فنجان زيت زيتون ( لا تفعل هذه الطريقة إذا كنت تعاني من الضغط أو من مرض في الكلى )  ، راجع باب الأعشاب والعلاج المركب .

ومما قاله ابن سيناء والرازي في القيء ( بتصرف ) :
أفضل القيء على الريق ويجب أن يستعمل في الشهر مرة أو مرتين. ومما يساعد على القيء وضع الإصبع في مؤخرة الفم ، أو استخدام ريشة مبلولة بزيت ، فإن لم يتقيأ سقي ماء حاراً وزيتاً أو يسقي العسل والماء الفاتر ، ومما يعين على ذلك تسخين المعدة والأطـراف فإن ذلك يحدث الغثيان وإذا أشتد فعل الدواء المقيء وأخذ في العمل بسرعة فيجب أن يسكن المتقيء (  المريض )  ويستنشق الروائح الطيبة ويغمز أطرافه ويسقى شيئاً من الخل ويتناول بعده التفاح ، واعلم أن الحركة تجعل القيء أكثر والسكون يجعله أقل.

ويمكن أن تعرف القيء النافع من غير النافع بما يتبعه من الشهوة الجيدة والنبض والتنفس الجيدين وكذلك حال سائر القوى ويكون ابتداؤه غثياناً ، وإن كان الدواء قوياً  فإنه يؤذي ويكون ومعه لذع شديد في المعدة وحرقة ثم يبتدئ بسيلان لعاب ثم يتبعه قيء بلغم كثير دفعات ، ثم يتبعه قيئ شيء سيال صاف ويكون اللذع والوجع ثابتاً من غير أن يتعدى إلى أعراض أخرى غير الغثيان وكربه وربما استطلق البطن ثم يأخذ في الساعة الرابعة يسكن ويميل إلى الراحة.

فإذا فرغ المتقيء من قيئه ، غسل فمه ووجهه بعد القيء بخل ممزوج بماء ليذهب الثقل الذي ربما يعرض للرأس ويلزم الراحة ، وأما التمدد والوجع اللذان يعرضان تحت الشراسيف ( أسفل صدره ) فينفع منهما التكميد بالماء الحار والادهان إن كان القيء شديداً.

,وينبغي ألا يأكل بعد القيء ولا يشرب لمدة ساعتين أو نحوها ، ويتدرج بعدها بالأكل يبتدئ بالسوائل الفاتره ، ويمتنع عن أكل كل غليظ عسر الهضم ، وليختار من الطعام ما هو جيّد الجوهر سريع الهضم ، وأما اللذع الشديد الباقي في المعدة فيدفعه شرب المرقة الدسمة السريعة الهضم مثل مرق الدجاج .

ومن منافع القيء   :أولى ما يستعمل فيه القيء الأمراض المزمنة العسيرة كالاستسقاء والصرع والمالنخوليا(الجنون) والجذام والنقرس وعرق النسا. وكان أبقراط وهو أشهر الأطباء في زمانه يأمر باستعمال القيء في الشهر يومين متواليين ليتدارك الثاني ما قصر وتعسر في الأول ويخرج ما يتحلب إلى المعدة ، وأبقراط يضمن معه حفظ الصحة.

والقيء يستفرغ البلغم والمرة وينقي المعدة والأمعاء من المرار والأنزيمات التي تنصبّ إليها وتفسد طعامه فــإذا تقدمه القيء ورد طعامه على نقاء ويذهب نفور المعدة عن الدسومة وسقوط شهوتها الصحيحة واشتهاءها الحريف والحامض ، ومن فوائده أنه يذهب الثقل العارض في الرأس ويجلو البصر ويدفع التخمة وينفع من ترهل البدن ومن القروح الكائنة في الكلي والمثانة وهو علاج قوي للجذام ولرداءة اللون والصرع واليرقان والرعشة والفالج وهو من العلاجات الجيّدة لأصحاب القوباء ا.هـ.

محاذير القيء: ينبغي عصب العينين أو وضع اليد عليهما حال التقيؤ ، ويجب أن لا تتقيأ المرأة الحامل والطفل ولا الشيخ الكبير.

  في بعض الحالات يصل العلاج بالأعشاب إلى ما لا تصل إليه الرقية خصوصا في حالات السحر المأكول والمشروب والمشموم ، وأفضلها إدمان شرب زيت الزيتون وأكل الحبة السوداء والعسل ، ولو أنا جمعنا بين الرقية والأدوية لكان أفضل، وقد ذكرت بعض هذه الأعشاب وطريقة استخدامها في باب الجمع بين الأدوية الإلهية والأدوية المباحة .


 وكل شيء مباح غير ضار يؤكل أو يشرب أو يغتسل به أو يدهن به يقرأ عليه الرقية يكون فيه شفاء بإذن الله تعالى ببركة القرآن وكلها تندرج تحت الأسباب التي تساعد في إستفراغ مادة السحر والله أعلم .

البخور : التبخر باللبان الذكر والسذاب والحبة السوداء والقسط الهندي مع النفث عليها بالرقية والمبالغة بالاستنشاق ، فهذه الطريقة تساعد على خروج السحر من الرأس والصدر .
الاكتحال : الاكتحال بالعسل الأصلي الذي نفث عليه بعد الرقية يساعد في تخفيف قوة السحر الذي في العينين .

سحب السحر من العروق
إن تحريك السحر وسحبه من الأمور المساعدة لخروج السحر المنتشر في العروق ، ويكون السحب وقت الرقية أو عند الإدهـان بالزيت المنفوث عليه بالرقية الشرعية ، وحبذا لو عملت هذه الطريقة بعد الجلوس بالمغطس " البانيو " كما هو مشروح في وصلة  الاغتسال والادهان.

وعليه يُبطل ويستفرغ السحر "بإذن الله تعالى" الذي في الجسد ، بالرقية والمسهلات والأعشاب والقيء والسعوط  والحجامة والتدليك بالزيت والاغتسال والجلوس بالمغطس. 

إبطال السحر الخارجي

*********************
جلب السحر : العثور على مادة السحر وفك عقدها وحرقها أو القراءة عليها من أسرع وأنجع ما يعالج به المسحور ، ويمكن الحصول على السحر وجلبه بما يلي:

  1. يمن الله على المسحور برؤيا يراها أو ترى له ، يعرف من خلالها مكان السحر  كما حصل لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم في معرفته لمكان السحر الذي عملته له يهود. وهذه الرؤيا حصلت للنبي صلى الله عليه وسلم بعد أن الح في الدعاء .
عن عائشة رضي الله عنها قالت:  سحر رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رجل من بني زُرَيق، يقال له لبيد بن الأعصم، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما فعله، حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة وهو عندي، لكنه دعا ودعا، ثم قال: (يا عائشة، أشَعَرْتِ أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه، أتاني رجلان، فقعد أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي، فقال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرجل؟ فقال: مطبوب، قال: من طبَّه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: في أي شيء؟ قال: في مُشط ومُشاطة، وجُفِّ طَلْع نخلة ذَكَر. قال: وأين هو؟ قال: في بئر ذَرْوان). فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس من أصحابه، فجاء فقال: (يا عائشة، كأن ماءها نُقاعة الحِنَّاء، أو كأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين). قلت: يا رسول الله: أفلا استخرجته؟ قال: (قد عافاني الله، فكرهت أن أثَوِّرَ على الناس فيه شراً). فأمر بها فدُفنت. تابعه أبو أسامة وأبو ضمرة وابن أبي الزناد، عن هشام. وقال الليث وابن عُيَينة، عن هشام: (في مُشط ومُشاقة). يقال: المُشاطة: ما يخرج من الشعر إذا مشط، والمُشاقة: من مُشاقة الكَتَّان. [ر: ] [ش (أن أثور) وفي بعض النسخ (أن أثير)].

وأخرج البخاري عن سَعِيد بْن الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إلا الْمُبَشِّرَاتُ قَالُوا وَمَا الْمُبَشِّرَاتُ ، قَالَ: الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ.

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ السِّتَارَةِ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إلا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ ثُمَّ قَالَ إلا إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ . رواه أحمد

وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ ( لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) قَالَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يُبَشَّرُهَا الْمُؤْمِنُ هِيَ جُزْءٌ مِنْ تِسْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ فَمَنْ رَأَى ذَلِكَ فَلْيُخْبِرْ بِهَا وَمَنْ رَأَى سِوَى ذَلِكَ فَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيُحْزِنَهُ فَلْيَنْفُثْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلاثًا وَلْيَسْكُتْ وَلا يُخْبِرْ بِهَا أَحَدًا. رواه أحمد

2- يمن الله على المسحور بأن يخبر خادم السحر عن مكان السحر." لا تصدق الجني ولا تكذبه وقد قيل إنَّ الكَذُوبَ قَدْ يَصْدُقُ وأبحث عن السحر في المكان الذي ذكره الجني إن كان قريبا ، ولكن إن قال الجني أن مكان السحر في بيت فلان أو فلانة أو مدفون في القبر الفلاني أو تحت أساس البيت فإنه في الغالب يكون كاذبا ، يريد الفتنة أو التعجيز " ، ومن المعلوم بالتجربة أن بعض شياطين السحر تعطي الراقي بعض المعلومات وقد تدله على بعض الأسحار وربما تقيأت بعض السحر أمامه كل ذلك من أجل أن يركن إليها ولا يؤذيها بالقراءة . وكثيراً ما تكذب وتضحك شياطين السحر على من يتحدث معها  وقليلاً جداً جداً ما تصدق في قول أو فعل ، وإذا ما حدث ذلك فهو من قبيل الاستدراج والسخرية غالبا ، حتى أن بعض الشياطين يذكر أموراً فيها حقائق ويدس معها أكاذيب من اجل أن يوقع الفتن والمشاكل ، ومن هذه الأفعال أن تخبرك الشياطين عن مكان السحر وإذا ما ذهبت إلى ذلك المكان قد تجد شيئا تظن أنه سحرٌ وهو ليس بسحر لأن خادم السحر في الغالب يكون معه تابع من الجن (الرصد ) فيسمع ما قاله خادم السحر فيذهب التابع ويضع في المكان الذي ذُكر أوراقا أو قطعة قماش أو غيرها فتظن أنها سحر وإليك هذا المثال الواقعي :
تحدثت مرة مع جنية على جسد شاب وبعد أن دعوتها إلى التوبة والإسلام بالترغيب والترهيب زعمت أنها أسلمت بعد أن نطقت بالشهادتين ووعدتني على أنها سوف تدلني على مكان السحر ، وعندما ذهبت معها إلى المكان حضرت على جسد المريض وسارت إلى أرض فضاء مجاوره لبيت الشاب ثم حفرت قليلا بيدها وقالت أتمم الحفر فإن السحر قريب جدا تجده في علبه فيها شعر وفعلا ما أن حفرت بيدي حتى وجدت علبة معدنية قديمة وإذا بها شعر ، ولكن لما دققت النظر في الشعر وجدته شعر امرأة وليس شعر رجل وذلك من نعومته وطوله ، وبعد أن عرفت أني كشفت كذبها قالت: أنها أحضرت الشعر والعلبة المعدنية عندما غيبت الشاب عن وعيه وحضرت على جسده قبل شهرين وذلك بعد الثانية من منتصف الليل ومن ثم دفنته في ذلك المكان للمخادعة .     

3- يمن الله على المسحور بإحساس أو شعور أو يغلب على ظنه أنه مكان السحر .

إتلاف وابطال مادة السحر

إذا استخرج السحر أو عُرف مكانه ... لا ترميه في البحر .. لا تبول عليه .. ولكن افعل به ما يلي :
·  تحصن جيداً " اقرأ آية الكرسي والمعوذات ... " قبل أن تمسك السحر وكذلك عند فتحه وإبطاله  حتى لا تتعرض للأذى  .
·  احرص عند فتح السحر أن لا يضيع أو يسقط منه شيئا وذلك بفتحه داخل إناء أو تجعل تحته قطعة قماش أو نحوها.
- ينصح بالتدرج في إبطال مادة السحر خصوصا إذا كان السحر كبيرا وقويا ومعقدا ،  بمعنى أن يتلف بعضه وبعد ساعة أو نحوها أو حتى في الغد يتلف ما تبقى منه ، والسبب في ذلك أنه في حال ابطال السحر يهيج السحر ويكون تأثره أشد ما يكون وكذلك يهيج معه شيطان السحر ، والتدرج بإبطاله يكون أنفع للمسحور وتكون هناك فترة يتمكن شيطان السحر من الإنفكاك والابتعاد عن السحر والمسحور .
·  إذا كانت مادة السحر قابلة للحرق فاقرأ عليها آيات ابطال السحر وتراً ومن ثم  احرقها يبطل السحر بإذن الله تعالى ، وهذه الطريقة معروفة منذ القدم فقد جاء في بعض طرق حديث سحر النبي  صلى الله عليه وسلم إن عائشة رضي الله عنها قالت: أفلا أحرقته " ما لم يكن السحر نارياً " كأن يكون بخور أو أوراق محروقة أو سحر طلب من صاحبه أن يحرقه وينثره أو يبخر به ، إذا لم يعلم الراقي نوع السحر فيمكنه أن يضعه في ماء مقروء عليه الرقية وبعد مدة من الزمن يخرجه ويجففه ومن ثم يحرقه . 
·  إذا كانت مادة السحر خيوط معقودة ، إقراء عليها الرقية ثم فك العقد .
·  إذا كانت مادة السحر طلسمات مكتوبة عليك أن تمحى الكتابة بماء مقروء عليه الرقية ثم تتركها في الماء المقروء فيه حتى تتحل الورقه أو تخرجها بعد يوم او نحوه  ثم جففها ومزقها واحرقها.
· إذا كانت مادة السحر خرزاً أو أحجاراً أو معدناً تقرأ عليها رقية المسحور ثم  في  تضعها ماء منفوث عليه وتتركها لبضعة أيام ثم تخرجها وتكسرها إن كانت قابلة للكسر  .
· إذا كانت مادة السحر مسحوقاً كالبودر أو أوراقاً محترقة ، اقرأ رقية المسحور على ملح الطعام ثم انثر الملح على مادة السحر في مكانها ، كرر هذه الطريق ثلاث مرات ثم اجمع مادة السحر وضعها في ماء مقروء عليه رقية المسحور .
· إذا كانت مادة السحر مرشوشة ، تأخذ كمية من ملح الطعام ثم تذيبه في ماء وتقرأ عليه رقية المسحور وترشه على مكان السحر ، تكرر هذه الطريقة ثلاث مرات يبطل بإذن الله تعالى .
· إذا علم أن  السحر مدفون في مكان معين ولكن لا يمكن تحديد موقعه ، فتأخذ كمية من ملح الطعام أو ماء البحر أو ماء عادي وتقرأ عليه رقية المسحور وتنثره على عامة ذلك المكان ( يفضل مزجه مع الماء( ، تكرر هذه الطريقة حتى يأذن الله بإبطال السحر في مكانه.

إذا لم يعلم مكان السحر يعالج المسحور بالرقية الشرعية وبما ذكر في باب العلاج بالرقية والأدوية المباحة
أعراض السحر

 ليس من السهل الحكم على شخص ما بأنه مسحور لأن أعراض السحر قريبة جدا من أعراض الحسد ، وتتشابه مع أعراض المس بسبب وجود شيطان السحر في الغالب ، ولكن سوف أذكر أعراضا هي في الغالب أقرب للسحر من غيرها من الأمراض الأخرى .

1) أعراض المس ( لوجود شيطان السحر) في غالبية أنواع السحر.
2) تغير مفاجئ في طباع المسحور من الحب إلى الكراهية ومن الصحة إلى المرض ومن العبادة إلى المعصية ومن الفرح والسرور إلى الحزن والضيق ومن الحلم إلى الغضب وإلى غير ذلك من أوامر السحر وتفلت الشياطين .
 3) المسحور يكون في الغالب سريع الغضب والانفعال .
4) تزداد الحالة أو يتنقل المرض عند القراءة أو بعدها .
5) يشعر المسحور وكأنه مدفوعٌ بقول أو فعل بغير إرادته ، وغالباً ما يندم على ما فعل.
6) آلام في الأرحام .
7) آلام في أسفل الظهر .
 8) يُرى في عيني المسحور بريقا زائداً وملحوظا وغالبا ما تجده لا يستطيع تركيز النظر في عين الراقي وقت الرقية ولكنة يميل بالنظر الى أعلى وإلى أسفل ( هذه الملاحظة ذُكرت في كتاب دليل المعالجين والصواب أنها تنطبق في الغالب على من به سحر مأكول أو مشروب أو مشموم وبلغت عقد السحر الى العينين ، أو كان هناك حضور جزئي على عين المسحور ، ولعلي أكون مخطئاً ولكن هذا ما ظهر لي من خلال المتابعة)  . 
9) رائحة كريهة تخرج من فم أو من جلدة الرأس أو من الأرحام أو من جسد المسحور عموما وهذه الرائحة يشمها المريض وغيره ومهما اجتهد في غسل جسده بالشامبو والصابون فإن الرائحة تعود في نفس اليوم خصوصا عندما يعرق جسده ، وهذا يحصل في بعض حالات السحر المأكول والمشروب وليس كل الحالات .


بعض الأعراض التي  تحصل للمسحور وقت القراءة
 يشترك المحسود والمسحور في معظم هذه الاعراض والفرق ان التاثر يكون عند آيات السحر أشد والدعاء على السحرة .
      ×        الضيق الشديد والضجر من القراءة .
      ×        يجهش المريض بالبكاء ويتعجب المريض نفسه من هذا البكاء  .
      ×        الاستسلام للنوم بسبب القرين .
      ×        قد يحصل للمريض انتفاخاً ملحوظاً في وجهه أو في بطنه .
      ×        غالبا لا يظهر الجني بسرعة كما هو عليه الحال في المس.
      ×        قد تظهر تشنجات ولاسيما في الأطراف وعلى العينين .
      ×        لا يستجيب للقراءة والعلاج بسرعة ( أيضا بعض حالات العين لا تستجيب للعلاج بسرعة ).
      ×        وقت الرقية ينظر إلى الراقي بسخرية وربما ضحك المصاب دون إرادة منه .

إن السحرة لعنهم الله في الغالب يرسلون إلى المسحور الشياطين المتمردة حيث أنهم أكثر قوة وتحملا وعناداً خصوصاً عند بداية العلاج ، فتجد خادم السحر يكمن وقت القراءة ولا يتحرك ولا يتسبب في أي أمر من شانه الاستدلال على وجوده داخل جسم المسحور ، حتى يظن الراقي أن الإنسان الذي أمامه ليس به سحر ولا حتى مس، فيتوقف المسحور عن القراءة ومتابعة العلاج ، أو بعد القراءة على المسحور تظهر أعراض العين فيكون تركيز العلاج على العين حتى تنتهي أعراضها ثم يتوقف عن العلاج ، ومن الملاحظ أن بعض من بهم سحر تسرع إليهم العين بل هم عُرضة للعين والمس أكثر من غيرهم لأن أجسادهم مكشوفة ، وحيث أن العين من السبل التي تقترن بها الشياطين بالإنسان ، لذا  فإن الشياطين كثيراً ما تتسلط على المسحور من خلالها ، ويتأثر بعض المسحورين من آيات الحسد عند الرقية لأنه قد يكون مصاباً بالحسد المقرون بالمس  ، وإن السحر في الغالب لا يعمله إلا الحسدة من خبيثي وخبيثات الإنس:

 كل العداوات قد ترجى مودتها *** إلا عداوة من عاداك عن حسدِ 

وتجد بعض شياطين السحر تتأثر من آيان العين والحسد لأن بعض شياطين السحر تستقبل العين حتى تتسلط على المسحور وتنكل به ، فيكون الشيطان خادماً للسحر وخادماً لعين الحاسد في آن واحد  ، وكم أعجب من بعض الرقاة الذين يشخصون المرض من أول جلسة ، حتى إن بعضهم يقول إذا كان المسحور في بطنه سحر فسوف يتقيأه عند القراءة ، وإن كان به مس فسوف يصرع .. ومن به مس لا يستطيع أن يقرأ آية الكرسي أكثر من ثلاث  مرات ..  ويقول آخر الذي به مس لابد أن يتخبط عند القراءة عليه ويستشهد بقوله تعالى: } الّذِينَ يَأْكُلُونَ الرّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاّ كَمَا يَقُومُ الّذِي يَتَخَبّطُهُ الشّيْطَانُ مِنَ الْمَسّ { ، وهذه أقوال عارية من الصحة فمن الشياطين من يتحمل وقت القراءة في بداية العلاج وربما احترق في مكانه ولم يحضر وذلك بسبب ضعفه أو عدم تمكنه من جسد المصاب ، ومن السحر ما يكون مصحوبا بالجن الموكل به فيمنع خروج السحر من الفم ، وأعرف من يقرأ سورة البقرة كاملة في جلسة واحدة وهو مسحور وفي جسده خادماً للسحر ، وليس عند من يزعم ما سبق ذكره دليل من الكتاب والسنة ، ولكنها أمور تحصل أحيانا مع بعض المرضى ولا تحصل مع الجميع .  فينبغي عدم التسرع والتريث في الحكم  حتى يقرأ على المريض قراءة مركزة ولفترة أطول ، فستنجلي الحقيقة للقارئ بعد عدة جلسات وإن طالت المدة التي من خلالها تنكشف أعرض السحر أو المس الواحدة تلوى الأخرى.

أعراض السحر المأكول والمشروب:
-  ألم شديد في البطن وكأنه طعن أو تقطيع بالسكاكين.
-  الشعور بألم دائم في المعدة مع غثيان وتقيؤ مستمر في بداية الحالة ( ليس في كل الحالات ).
-  غثيان ( يزداد وقت الرقية ) ما لم يكن السحر قديماً أو منتشرا في أنحاء الجسم.
-  كثرة الغازات في البطن .
-  يشعر بقعقعة في البطن وقت الرقية.
-  يشعر بمثل الكرة في المريء والبلعوم ساكنه أو متحركة خصوصا وقت القراءة.
-  يشعر بحرارة في جوفه بل في بدنه عامة خصوصاً وقت الرقية.
-  خروج رائحة كريهة من المعدة ( عن طريق الفم ) تزداد وقت الرقية .
-  يشعر بألم وتقطيع في بطنه وقت الرقية . 
-  عدم الرغبة في الأكل ( ليس في كل الحالات ).
-  الإمساك المزمن ( في بعض الحالات ) .
-  الألم الشديدة فترة الدورة ( عند النساء ) .
-  ضعف الرؤية ( البصر ) ، وربما ترى في عينيه بريقاً غامض يتدفق كأنه إشعاع مغناطيسي .
-  قد يرى أمام عينيه شعراً أو حبالاً معقدة أو ملفوفة ولو كان مغمض العينين ، هذا غالبا مايكون في السحر المأكول والمشروب .
-  المسحور بهذا النوع من السحر ينزعج عندما يلمسه أحد خصوصا في المواضع التي يكثر فيه السحر في جسده .
-  ومن علامات السحر المأكول والمشروب الشعور بالضيق عند التنفس ، ويسمع له أحيانا فحيح عند الشهيق والزفير وهو أشبه ما يكون بالشخص المصاب بالربو .
-  ومن علامات السحر المأكول والمشروب سواد الوجـه خصوصاً وقت الرقية فإذا ما استفرغ السحر أشرق لونه واستنار وجهه.

روي عن عميرة بن شكير أنه قال: كنا مع سنان بن سلمة بالبحرين، فأُتيَ بساحرة، فأمر بها، فألقيت في الماء فطفت، فأمر بصلبها فنحتنا جذعاً.  فجاء زوجها كأنه سفود محترق فقال: (مرها فلتطلق عني) فقال لها: أطلقي عنه. فقالت: نعم، ائتوني بباب وغزل. فقعدت على الباب، وجعلت ترقي في الغزل وتعقد، فارتفع الباب، فأخذنا يميناً وشمالاً، فلم نقدر عليها."  تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة- حديث مقطوع "

السفود: بوزن التنور ، وهي الحديدة التي يشوى بها اللحم .

ذكر ابن كثير في البداية والنهاية عن ابن أبى الدنيا " كتاب مكائد الشيطان"  أن رجلا من أهل الشام من أمراء معاوية غضب ذات ليلة على ابنه فأخرجه من منزله فخرج الغلام لا يدرى أين يذهب فجلس وراء الباب من خارج فنام ساعة ثم استيقظ وبابه يخمشه هر أسود برى فخرج إليه الهر الذي في منزلهم فقال له البرى ويحك افتح فقال لا أستطيع فقال ويحك ائتني بشيء أتبلغ به فإني جائع وأنا تعبان هذا أوان مجيء من الكوفة وقد حدث الليلة حدث عظيم قتل على بن أبى طالب قال فقال له الهر الأهلي والله إنه ليس هاهنا شىء إلا وقد ذكروا اسم الله عليه غير سفود كانوا يشوون عليه اللحم فقال ائتني به فجاء به فجعل يلحسه حتى اخذ حاجته وانصرف وذلك بمرأى من الغلام ومسمع فقام إلى الباب فطرقة فخرج إليه أبوه فقال من فقال له افتح فقال ويحك مالك فقال افتح ففتح فقص عليه خبر ما رأى فقال له ويحك أمنام هذا قال لا والله قال ويحك أفأصابك جنون بعدى قال لا والله ولكن الأمر كما وصفت لك فاذهب إلى معاوية الآن فاتخذ عنده بما قلت لك فذهب الرجل فاستأذن على معاوية فأخبره خبر ما ذكر له ولده فأرخوا ذلك عندهم قبل مجيء البرد " البريد " ولما جاءت البرد وجدوا ما أخبروهم به مطابقا لما كان أخبر به أبو الغلام .

- يشتكي المسحور بالمأكول والمشروب بآلام في أسفل الظـهر في منطقة العجز والعصعص ولعل ذلك بسبب وجود السحر في المستقيم ( القولون ).
-  في حالة السحر المأكول أو المشروب ، عند انتفاخ اليد أو الرجل أو ظهور البقع الزرقاء ووجود الألم فيها ، فيه إشارة على هيجان السحر في ذلك العضو.
-  وقت الرقية يرى المريض فجأة في مخيلته بريقاً مفاجئاً أشبه ما يكون بمجموعة نجوم متلألئة ، وهذا يعني أن سحرا في مخيلته قد أحرقه الله وهو الغالب على الظن، أو شيطاناً تحرك بصورة سريعة في عصب عينيه .
- كثرة التمخط من الأنف والبزاق من الفم وقت الرقية فيه دليل على وجود السحر أو الحسد في مقدمة الرأس ( الدماغ ) والجيوب الأنفية .
-  تجد أحياناً بعض من به سحر مأكول أو مشروب يكثر من فرك فروة رأسه أو يمسح مسحا خفيفا على جوانب رأسه ، وفيه ذلك دليل على وصول عقد السحر إلى الرأس.
-   يذكر أكثر من شخص ممن يعانون من سحر في بطونهم أنهم يشعرون بمثل الكرة تنفجر في بطونهم وقت القراءة وبعدها يخرج السحر .
-   ومن علامات السحر المأكول الخمول والثقل في البدن خصوصاً على الأكتاف والخفة بعد الإستفراغ .
-  الموضع الذي يشعر به المسحور بألم غالبا ما يكون مكان عقد السحر في الجسد.

لا يسلم بهذه الأعراض ولكنها تحصل مع بعض من بهم سحر مأكول أو مشروب وهي قريبة جدا للمصاب بالحسد ، وشيطان السحر يتعمد اضلال الراقي بتنوع الاعراض ، فأرى عدم الإستعجال في التشخيص حتى تجتمع كل المعطيات التي تدل عليه .

تحـَرُكَ السحر ( هيجان السحر ):
السحر المأكول والمشروب من أشد أنواع السحر تأثيرا على المسحور ، والسحر عندما يستقر في الجسد يكون له سكون ودرجة تأثير معينة ، ولكن عندما يُراد إبطاله بإذن الله تعالى بالرقية أو بالأعشاب أو غير ذلك يتبيغ ( يهيج ) السحر ويكون في أعلى درجات التأثير ، ومثال ذلك لو أتينا بكمية من الجَمر وتركناه فترة من الزمن فإنه سرعان ما يغطيه الرماد والحرارة الصادرة منه تكون أقل بعد سكونه ، فإذا ما حركنا هذا الجمر ونفخنا عنه الرماد فإن حرارته تشتد ، كذلك السحر عندما يتحرك بالقرأة والنفث وغير ذلك من الطرق الأخرى فإنه يؤثر على المسحور بالتعب فترة من الزمن ، جاء في أحد روايات سحر الرسول صلى الله عليه وسلم ، أن سحره كان في جف طَلْعِ نخلة ذكر وفيه مشط الرسول صلى الله عليه وسلم  مع مراطة رأسه وتمثال من شمع على صورة الرسول صلى الله عليه وسلم وفيه إبرٌ مغروزة ، وفي الجف أيضا وترٌ فيه إحدى عشرة عقدة وجاء في الحديث أنه كان لا ينزع إبرة ( يعني من التمثال ) إلا وجد لها ألما ، ثم يجد بعد ذلك راحة . وأحيانا تكون الزيادة بسبب تفلت شيطان السحر بسبب تأثره من الرقية ( ردة فعل ) .
 

هل الأعشاب تبطل السحر الخارجي ؟:
الأعشاب لا تؤثر في ابطال السحر الخارجي مهما كانت قوتها ولكنها قد تؤثر من بعد اذن الله تعالى على اضعاف خادم السحر فيخبر عن مكان السحر

السحر وأنواعه

السحر : يقول ان قدامة في المعني وهو عقد ورقي وكلام يتكلم به أو يكتبه أو يعمل شيئا يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له وله حقيقة فمنه ما يقتل وما يمرض وما يأخذ الرجل عن امرأته فيمنعه وطأها ومنه ما يفرق بين المرء وزوجه وما يبغض احدهما الى الآخر أو يحبب بين اثنين.أ.هـ.

 وقالوا :أصل السحر صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره ، ومن السحر الأخذة التي تأخذ العين حتى يُظن أن الأمر كما يرى وليس كما يُرى . ثم هو رقى وعقد وكلام يتكلمُ به الساحر أو يكتبه فيؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له، وله حقيقة ، منه ما يقتل ، ومنه ما يمرض ، ومنه ما يأخذ الرجُل عن امرأته فيمنعه وطئها ، ومنه ما يفرق بين المرء وزوجه ، ومنه ما يبغض أحدهما على الآخر" انظر لسان العرب مادة سحر ، والطب من الكتاب والسنة للبغدادي في فصل العين حق والرقية منها".

يقول القرطبي عند تفسيره للآية
102 من سورة البقرة : قيل: السحر أصله التمويه بالحيل والتخاييل ، وهو أن يفعل الساحر أشياء ومعاني ، فيُخيّل للمسحور أنها بخلاف ما هي به كالذي يرى السراب من بعيد فيُخيّل إليه أنه ماء ( يقولون كالسراب غر من رآه وأخلف من رجاه ) ، وكراكب السفينة السائرة سيراً حثيثاً يُخيّل إليه أن ما يرى من الأشجار والجبال سائرة معه. وقيل: هو مشتقّ من سَحرتُ الصبيّ إذا خدعته ، وقيل: أصله الصّرف ، يقال: ما سَحَرك عن كذا ، أي ما صرفك عنه . وقيل: أصله الاستمالة ، وكلّ مَن استمالك فقد سحرك.

وقال الجوهري: السحر الاُخْذة ، وكلّ ما لَطُف مأخذه ودَقّ فهو سحر . وسحره أيضا بمعنى خدعه . وقال ابن مسعود: كنّا نُسَمّي السحر في الجاهلية العِضَة.. والعِضَه عند العرب: شدّة البَهْت وتمويه الكذب أ.هـ.

وبهته أي أخذه بغتة ، يقول تعالى: " بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ رَدّهَا وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ " أي فجأة يعني القيامة. " فَتَبْهَتُهُمْ". قال الجوهري: بَهَته بَهْتاً أخذه بغتة، قال الله تعالى: "بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ". وقال الفراء: «فتبهتهم» أي تحيرهم يقال: بهته يبهته إذا واجهه بشيء يحيره. يقال: بَهتَه بَهْتاً وبُهْتَاناً إذا قال عليه ما لم يفعله. وهو بَهّات والمقول له مَبْهُوت. ويقال: بُهِت الرجل إذا دُهِش وتحيّر كما قال الله تعالى: "فَبُهِتَ الّذِي كَفَرَ*
[البقرة: 258].


 
يقول ابن خلدون والنفوس الساحرة على مراتب ثلاث :
السحر : فاولها المؤثرة بالهمة فقط من غير آلة ولا معين وهذا هو الذي تسميه الفلاسفة السحر ... ورأينا بالعيان من يصور صورة الشخص المسحور بخواص أشياء مقابلة لما نواه وحاوله موجودة بالمسحور ، وأمثال تلك المعاني من أسماء وصفات في التأليف والتفريق ثم يتكلم على تلك الصورة التي أقامها مقام الشخص المسحور عينا أو معنى ثم ينفث من ريقه بعد اجتماعه في فيه بتكرير مخارج تلك الحروف من الكلام السوء ويعقد على ذلك المعنى في سبب أعده لذلك تفاؤلا بالعقد واللزام وأخذ العهد على من أشرك به من الجن في نفثه في فعله ذلك استشعارا للعزيمة بالعزم ولتلك البنية والاسماء السيئة روح خبيثة تخرج منه مع النفخ متعلقة بريقه الخارج من فيه بالنفث فتنزل عنها أرواح خبيثة ويقع عن ذلك بالمسحور ما يحاوله الساحر.

الطلسمات : والثاني بمعين من مزاج الافلاك أو العناصر أو خواص الاعداد ويسمونه الطلسمات وهو أضعف رتبة من الاول ... وأما التفرقة عندهم " أي السحرة " بين السحر والطلسمات فهو أن السحر لا يحتاج الساحر فيه إلى معين وصاحب الطلسمات يستعين بروحانيات الكواكب وأسرار الاعداد وخواص الموجودات وأوضاع الفلك المؤثرة في عالم العناصر كما يقوله المنجمون ، ويقولون السحر اتحاد روح بروح والطلسم اتحاد روح بجسم ومعناه عندهم ربط الطبائع العلوية المساوية بالطبائع السفلية والطبائع العلوية هي روحانيات الكواكب ... وأخبروني أن لهم وجهة ورياضة خاصة بدعوات كفرية وإشراك الروحانيات الجن والكواكب.... وأما الشريعة فلم تفرق بين السحر والطلسمات وجعلته كله بابا واحدا محظورا.

الشعوذة : والثالث تأثير في القوى المتخيلة يعمد صاحب هذا التأثير إلى القوى المتخيلة فيتصرف فيها بنوع من التصرف ويلقى فيها أنواعا من الخيالات والمحاكاة وصورا مما يقصده من ذلك ثم ينزلها إلى الحس من الرائين بقوة نفسه المؤثرة فيه فينظر الراؤن كأنها في الخارج وليس هناك شئ من ذلك كما يحكى عن بعضهم أنه يري البساتين والانهار والقصور وليس هناك شئ من ذلك ويسمى هذا عند الفلاسفة الشعوذة أو الشعبذة.


ويقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي يرحمه الله تعالى في أضواء البيان:
اعلم أن الفخر الرازي في تفسيره قسم السحر إلى ثمانية أقسام :
القسم الأول سحر الكلدانيين والكسدائيين الذين كانوا في قديم الدهر يعبدون الكواكب ، ويزعمون أنها هي المدبرة لهذا العالم ، ومنها تصدر الخيرات والشرور ، والسعادة والنحوسة ، وهم الذين بعث الله تعالى إبراهيم عليه السلام مبطلاً لمقالتهم وراداً عليهم ، وقد أطال الكلام في هذا النوع من السحر .
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له : ومعلوم أن هذا النوع من السحر كفر بلا خلاف . لأنهم كانوا يتقربون فيه للكواكب كما يتقرب المسلمون إلى الله ، ويرجون الخير من قبل الكواكب ويخافون الشر من قبلها كما يرجو المسلمون ربهم ويخافونه . فهم كفرة يتقربون إلى الكواكب في سحرهم بالكفر بالبواح .

النوع الثاني من السحر سحر أصحاب الأوهام والنفوس القوية .
ثم استدل على تأثير الوهم بأن الإنسان يمكنه أن يمشي على الجسر الموضوع على وجه الأرض ، ولا يمكنه المشي عليه إذا كان ممدوداً على نهر أو نحوه قال : وما ذاك إلا أن تخيل السقوط متى قوي أوجبه . وقال : واجتمعت الأطباء على نهي المرعوف عن النظر إلى الأشياء الحمر ، والمصروع عن النظر إلى الأشياء القوية اللمعان والدوران . وما ذاك إلا أن النفوس خلقت مطيعة للأوهام . قال : وحكى صاحب الشفاء عن أرسطو في طبائع الحيوان : أن الدجاجة إذا تشبهت كثيراً بالديَكة في الصوت وفي الحراب مع الديَكة نبت على ساقها مثل الشيء النابت على ساق الديك ، قال : ثم قال صاحب الشفاء : وهذا يدل على أن الأحوال الجسمانية تابعة للأحوال النفسانية . قال : واجتمعت الأمم على أن الدعاء اللساني الخالي عن الطلب النفساني قليل العمل عديم الأثر . فدل ذلك على أن للهمم والنفوس آثاراً . . إلى آخر كلامه في هذا النوع من أنواع السحر ، وقد أطال فيه الكلام .

وتارة تكون الحال فاسدة لا يمتثل صاحبها ما أمر الله تعالى به ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا يتصرف بها في ذلك . فهذه حال الأشقياء المخالفين للشريعة ، ولا يدل إعطاء الله إياهم هذه الأحوال على محبته لهم . كما أن الدجال له من خوارق العادات ما دلت عليه الأحاديث الكثيرة ، مع أنه مذموم شرعاً لعنه الله . وكذلك من شابهه من مخالفي الشريعة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام انتهى كلام ابن كثير رحمه الله تعالى .

النوع الثالث من أنواع السحر المذكورة الاستعانة بالأرواح الأرضية ، يعني تسخير الجن واستخدامهم . قال :
واعلم أن القول بالجن مما أنكره بعض المتأخرين من الفلاسفة والمعتزلة . أما أكابر الفلاسفة فلم ينكروا القول بها . إلا أنهم سموها بالأرواح الأرضية . والجن المذكورون قسمان : مؤمنون ، وكافرون وهم الشياطين .
قال الرازي في كلامه على هذا النوع من السحر : واتصال النفوس بها أسهل من اتصالها بالأرواح السماوية لما بينهما من المناسبة والقرب . ثم إن أصحاب الصنعة وأصحاب التجربة شاهدوا بأن الاتصال بهذه الأرواح الأرضية يحصل بأعمال سهلة من الرقى والدخن والتجريد . وهذا النوع هو المسمى بالعزائم ، وعمل تسخير الجن . وقد أطال الرازي أيضاً الكلام في هذا النوع من أنواع السحر .

النوع الرابع من أنواع السحر هو التخيلات والأخذ بالعيون . ومبنى هذا النوع منه على أن القوة الباصرة قد ترى الشيء على خلاف ما هو عليه في الحقيقة لبعض الأسباب العارضة . ولأجل هذا كانت أغلاط البصر كثيرة . ألا ترى أن راكب السفينة إذا نظر إلى الشط رأى السفينة واقفة والشط متحركاً ، وذلك يدل على أن الساكن يرى متحركاً . والمتحرك ساكناً . والقطرة النازلة ترى خطاً مستقيماً . إلى آخر كلام الرازي . وقد أطال الكلام أيضاً في هذا النوع .
وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيره في سورة « البقرة » مختصراً كلام الرازي المذكور : ومبناه على أن البصر قد يخطئ ويشتغل بالشيء المعين دون غيره . ألا ترى ذا الشعبذة الحاذق يظهر عمل شيء يذهل أذهان الناظرين به ، ويأخذ عيونهم إليه ، حتى إذا استغرقهم الشغل بذلك الشيء بالتحديق ونحوه عمل شيئاً آخر عملاً بسرعة شديدة ، وحينئذ ، يظهر لهم شيء غير ما انتظروه فيتعجبون منه جداً ، ولو أنه سكت ولم يتكلم بما يصرف الخواطر إلى ضد ما يريد أن يعمله ، ولم تتحرك النفوس والأوهام إلى غير ما يريد إخراجه لفطن الناظرون لكل ما يفعله . قال : وكلما كانت الأحوال تفيد حس البصر نوعاً من أنواع الخلل أشد ، كان العمل أحسن .

مثل أن يجلس المشعبذ في موضع مضيء جداً أو مظلم ، فلا تقف القوة الناظرة على أحوالها والحالة هذه . ا ه منه . ولا يخفى أن يكون سحر سحرة فرعون من هذا النوع . فهو تخييل وأخذ بالعيون كما دل عليه قوله تعالى : { فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تسعى } [ طه : 66 ] فإطلاق التخييل في الآية على سحرهم نص صريح في ذكل . وقد دل على ذلك أيضاً قوله في « الأعراف » : { فَلَمَّآ أَلْقُوْاْ سحروا أَعْيُنَ الناس } [ الأعراف : 116 ] الآية . لأن إيقاع السحر على أعين الناس في الآية يدل على أن أعينهم تخيلت غير الحقيقة الواقعة ، والعلم عند الله تعالى .

النوع الخامس من أنواع السحر الأعمال العجيبة التي تظهر من تركيب الآلات المركبة على النسب الهندسية ، كفارس على فرس في يده بوق ، كلما مضت ساعة من النهار ضربت بالبوق من غير أن يمسه أحد . ومنها الصور التي يصورها الروم والهند حتى لا يفرق الناظر بينها وبين الإنسان ، حتى إنهم يصورونها ضاحكة وباكية ، حتى يفرق فيها بين ضحك السرور ، وبين ضحك الخجل ، وضحك الشامت .
فهذه الوجوه من لطيف أمور المخايل . قال الرازي : وكان سحر سحرة فرعون من هذا الضرب . ومن هذا الباب تركيب صندوق الساعات . ويندرج في هذا الباب علم جر الأثقال ، وهو أن يجر ثقيلاً عظيماً بآلة خفيفة سهلة ، وهذا في الحقيقة لا ينبغي أن يعد من باب السحر لأن لها أسباباً معلومة نفيسة ، من اطلع عليها قدر عليها ، إلا أن الاطلاع عليها لما كان عسيراً عد أهل الظاهر ذلك من باب السحر لخفاء مأخذه ا ه .

وقد علمت أن الرازي يرى أن سحر سحرة فرعون من هذا النوع الأخير ، لأن السحرة جعلوا الزئبق على الحبال والعصي فحركته حرارة الشمس فتحركت الحبال والعصي فظنوا أنها حركة طبيعية حقيقة . والذي يظهر لنا أنه من النوع الذي قبله كما قدمنا ، ولا مانع من أن يتوارد نوعان على شيء واحد فيكون داخلاً في هذا وفي هذا . والله تعالى أعلم .

وقال ابن كثير رحمه الله بعد أن ذكر كلام الرازي الذي ذكرنا في هذا النوع من السحر . قلت : ومن هذا القبيل حيل النصارى على عامتهم بما يرونهم إياه من الأنوار ، كقضية قمامة الكنيسة التي لهم ببيت المقدس ، وما يحتالون به من إدخال النار خفية إلى الكنيسة ، وإشعال ذلك القنديل بصنعة لطيفة تروج على الطغام منهم ، وأما الخواص منهم فمعترفون بذلك ، ولكن يتأولون أنهم يجمعون شمل أصحابهم على دينهم ، فيرون ذلك سائغاً لهم ، وفيهم شبه من الجهلة الأغبياء من متعبدي الكرامية الذي يرون جواز وضع الأحاديث في الترغيب والترهيب ، فيدخلون في عداد من قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم :
وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69)  « من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار » ، وقوله : « حدثوا عني ولا تكذبوا علي ، فإنه من يكذب علي يلج النار » ثم ذكرها هنا يعني الرازي حكاية عن بعض الرهبان ، وهي أنه سمع صوت طائر حزين الصوت ، ضعيف الحركة ، فإذا سمعته الطيور ترق له فتذهب في وكره من ثمر الزيتون ليتبلغ به ، فعمد هذا الراهب إلى صنعة طائر على شكله وتوصل إلى أن جعله أجوف ، فإذا دخلته الريح سمع منه صوت كصوت ذلك الطائر . وانقطع في صومعة ابتناها ، وزعم أنها على غبر بعض صالحيهم ، وعلق ذلك الطائر في مكان منها ، فإذا كان زمان الزيتون فتح باباً من ناحيته فتدخل الريح إلى داخل هذه الصورة فيسمع صوتها كل طائر في شكله أيضاً ، فتأتي الطيور فتحمل من الزيتون شيئاً كثيراً فلا ترى النصارى إلا ذلك الزيتون في هذه الصومعة ولا يدرون ما سببه . ففتنهم بذلك وأوهمهم أن هذا من كرامات صاحب ذلك القبر ، عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة انتهى كلام ابن كثير .

وذكر الرازي في هذه المسألة التي نقلها عنه ابن كثير : أن ذلك الطائر المذكور يسمى البراصل ، وأن الذي عمل صورته يسمى أرجعيانوس الموسيقار ، وأنه جعل ذلك على هيكل أورشليم العتيق عند تجديده إياه ، وأن الذي قام بعمارة ذلك الهيكل أولاً أسطر خس الناسك .

قال مقيده عفا الله عنه وغفر له : وهذا النوع الخامس الذي عده من أنواع السحر ، الذي هو الأعمال العجيبة التي تظهر من تركيب الآلات المركبة على النسب الهندسية . الخ لا ينبغي عده اليوم من أنواع السحر . لأن أسبابه صارت واضحة متعارفة عند الناس ، بسبب تقدم العلم المادي . والواضح الذي صار عادياً لا يدخل في حد السحر ، وقد كانت أمور كثيرة خفية الأسباب فصارت اليوم ظاهرتها جداً . والله تعالى أعلم .

النوع السادس من أنواع السحر الاستعانة بخواص الأدوية ، مثل أن يجعل في طعامه بعض الأدوية المبلدة المزيلة للعقل والدخن المسكرة نحو دماغ الحمار إذا تناوله الإنسان تبلد عقله ، وقلت فطنته ، قاله الرازي . ثم قال : واعلم أنه لا سبيل إلى إنكار الخواص : فإن أثر المغناطيس مشاهد إلا أن الناس قد أكثروا فيه وخلطوا الصدق بالكذب ، والباطل بالحق ا ه كلام الرازي .

وقال ابن كثير رحمه الله بعد أن ذكر هذا النوع من السحر نقلاً عن الرازي : قلت : يدخل في هذا القبيل كثير ممن يدعي الفقر ، ويتحيل على جهلة الناس بهذه الخواص مدعياً أنها أحوال له : من مخالطة النيران : ومسك الحيات إلى غير ذلك من المحاولات انتهى كلام ابن كثير .

النوع السابع من أنواع السحر المذكور تعليق القلب ، وهو أن يدعي الساحر أنه قد عرف الاسم الأعظم ، وأن الجن يطيعونه وينقادون له في أكثر الأحوال : فإذا اتفق أن كان السامع لذلك ضعيف العقل قليل التمييز اعتقد أنه حق : وتعلق قلبه بذلك : حصل في نفسه نوع من الرعب والمخافة : وإذا حصل الخوف ضعفت القوى الحساسة : فحينئذ يتمكن الساحر من أن يفعل ما يشاء .

قال الرازي : وإن من جرب الأمور وعرف أحوال أهل العلم علم أن لتعلق القلب أثراً عظيماً في تنفيذ الأعمال وإخفاء الأسرار . وقال ابن كثير بعد أن نقل هذا النوع من السحر عن الرازي : هذا النمط يقال له التنبلة ، وإنما يروج على ضعفاء العقول من بني آدم . وفي علم الفراسة ما يرشد إلى معرفة كامل العقل من ناقصه . فإذا كان النَّبيل حاذقاً في علم الفراسة عرف من ينقاد له من الناس من غيره .

النوع الثامن من أنواع السحر السعي بالنميمة والتضريب من وجوه لطيفة خفية وذلك شائع في الناس ا ه . والتضريب بين القوم : إراء بعضهم على بعض .
وقال ابن كثير رحمه الله بعد أن نقل هذا النوع الأخير عن الرازي قلت : النميمة على قسمين : تارة تكون على وجه التحريش بين الناس ، وتفريق قلوب المؤمنين . فهذا حرام متفق عليه . فأما إن كانت على وجه الإصلاح بين الناس ، وائتلاف كلمة المسلمين كما جاء في الحديث « ليس الكذاب من ينم خيراً » أو يكون على وجه التخذيل والتفريق بين جموع الكفرة ، فهذا أمر مطلوب كما جاء في الحديث « الحرب خدعة » ، وكما فعل نعيم بن مسعود في تفريقه بين كلمة الأحزاب وبين قريظة ، جاء إلى هؤلاء ونمى إليهم عن هؤلاء ، ونقل من هؤلاء إلى أولئك شيئاً آخر ، ثم لأم بين ذلك فتناكرت النفوس وافترقت . وإنما يحذو على مثل هذا الذكاء ذو البصيرة النافذة . والله المستعان .
ثم قال الرازي : فهذه جملة الكلام في أقسام السحر وشرح أنواعه وأصنافه .

قلت : وإنما أدخل كثيراً من هذه الأنواع المذكورة في فن السحر للطافة مداركها . لأن السحر في اللغة عبارة عما لطف وخفي سببه ، ولهذا جاء في الحديث « إن من البيان لسحراً » وسمي السحور سحوراً لكونه يقع خفياً آخر الليل . والسحر : الرئة وهي محل الغذاء ، وسميت بذلك لخفائها ولطف مجاريها إلى أجزاء البدن وغضونه ، كما قال أبو جهل يوم بدر لعتبة : انتفخ سحره ، أي انتفخت رئته من الخوف . وقالت عائشة رضي الله عنها : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري . وقال تعالى : { سحروا أَعْيُنَ الناس } [ الأعراف : 116 ] أي أخفوا عنهم عملهم انتهى كلام ابن كثير رحمه الله تعالى ، هذا هو حاصل الأقسام الثمانية التي ذكر الفخر الرازي في تفسيره في سورة « البقرة » انقسام السحر إليها .

ولأهل العلم فيه فيه تقسيمات متعددة يرجع غالبها إلى هذه الأقسام المذكورة وقد قسمه الشيخ سيدي عبدالله بن الحاج إبراهيم العلوي الشنقيطي صاحب التآليف العديدة المفيدة في نظمه المسمى ( رشد الغافل ) وشرحه له ، الذي بين فيه أنواع علوم الشر لتتقى وتجتنب إلى أقسام متعددة :
( منها ) قسم يسمى ( بالهيماء ) بكسر الهاء بعدها مثناة تحتية فميم فياء بعدها ألف التأنيث الممدودة ، على وزن كبرياء .
قال : وهو ما تركب من خواص سماوية تضاف لأحوال الأفلاك ، يحصل لمن عمل له شيء من ذلك أمور معلومة عند السحرة ، وقد يبقى له إدراك ، وقد يسلبه بالكلية فتصير أحواله كحالات النائم من غير فرق ، حتى يتخيل مرور السنين الكثيرة في الزمن اليسير . وحدوث الأولاد وانقضاء الأعمار وغير ذلك في ساعة ونحوها من الزمن اليسير . ومن لم يعمل له ذلك لا يجد شيئاً مما ذكر . وهذا تخييل لا حقيقة له ا ه .

( ومنها ) نوع يسمى ( بالسيمياء ) بكسر السين المهملة وبقية حروفه كحروف ما قبله . قال : وهو عبارة عما تركب من خواص أرضية كدهن خاص ، أو مائعات خاصة يبقى معها إدراك ، وقد يسلب بالكلية إلى آخر ما تقدم في الهيمياء .
( ومنها ) نوع هو رقى ضارة . قال : كرقى الجاهلية وأهل الهند ، وربما كانت كفراً . قال : ولهذا نهى مالك رحمه الله عن الرقى بالعجمية . وقال ابن زكري في شرح ( النصيحة ) : ولا يقال لما يحدث ضرراً رقى ، بل ذلك يقال له سحر .
( ومنها ) قسم يسمى خصائص بعض الحقائق التي لها تسلط على النفوس . كالمشط والمشاقة وجف طلع الذكر من النخل ، وقصة جعل اليهودي الذي سحر النَّبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر في سحره مشهورة . وسيأتي إيضاح ذلك إن شاء الله تعالى .

ومن أمثله هذا النوع عند أهله : أن بعض أنواع الكلاب من شأنه إذا رمي بحجر أن يعضه ، فإذا رمي بسبع حجارة وعض كل واحدة منها وطرحت تلك الحجارة في ماء فمن شرب منه فإن السحرة يزعمون أنه تظهر فيه آثار مخصوصة معروفة عندهم . قبحهم الله تعالى .
( ومنها ) نوع يسمى ( بالطلاسم ) وهو عبارة عن نقش أسماء خاصة لها تعلق بالأفلاك والكواكب على زعم أهلها في جسم من المعادن أو غيرها ، تحدث بها خاصية ربطت في مجاري العادات ، ولا بد مع ذلك من نفس صالحة لهذه الأعمال . فإن بعض النفوس لا تجري الخاصة المذكورة على يده .
( ومنها ) نوع يسمى ( بالعزائم ) وهم يزعمون أن لكل نوع من الملائكة أسماء أمروا بتعظيمها ، ومتى أقسم عليهم بها أطاعوا وأجابوا وفعلوا ما طلب منهم ا ه ولا يخفى ما في هذا الزعم من الفساد .
( ومنها ) نوع يسمونه الاستخدام للكواكب والجن . وأهل الاستخدامات يزعمون أن للكواكب إدراكات روحانية . فإذا قوبلت الكواكب ببخور خاص ولباس خاص على الذي يباشر البخور ، كانت روحانية فلك الكواكب مطيعة له ، متى ما أراد شيئاً فعلته له على زعمهم لعنهم الله تعالى .

وهذا النوع من سحر الكلدانيين المتقدم . وكذلك ملوك الجان يزعمون أنهم إذا عملوا لهم أشياء خاصة بكل ملك من ملوكهم أطاعوا وفعلوا لهم ما أرادوا . قال : وشروط هذه الأمور مستوعبة في كتبهم . وذكر رحمه الله من علوم الشر أنواعاً كثيرة : كالخط ، والأشكال ، والموالد ، والقرعة ، والفأل ، وعلم الكتف ، والموسيقى ، والرعدي ، والكهانة ، وغير ذلك.
والخط الرملي معروف . والأشكال جمع شكل ، ويمسى علمها علم الجداول وعلم الأوفاق ، وهي معروفة وهي من الباطل .
والموالد جمع مولد ، وهي أن يدعي من معرفة النجم الذي كان طالعاً عند ولادة الشخص أنه يكون سلطاناً أو عالماً ، أو غنياً أو فقيراً ، أو طويل العمر أو قصيره ، ونحو ذلك .
والقرعة ما يسمونه قرعة الأنبياء ، وحاصلها جدول مرسوم في بيوته أسماء الأنبياء وأسماء الطيور . وبعد الجدول تراجم لكل اسم ترجمة خاصة به ، ويذكر فيها أمور من المنافع والمضار ، يقال للشخص غمض عينيك وضع أصبعك في الجدول . فإذا وضعها على اسم قرئت له ترجمته ليعتقد أنه يكون له ذلك المذكور منها . قال : وقد عدها العلماء من باب الاستفهام بالأزلام .
ومراده بالفأل : الفأل المكتسب . كأن يريد إنسان التزوج أو السفر مثلاً ، فيخرج ليسمع ما يفهم منه الإقدام أو الإحجام ، ويدخل فيه النظر في المصحف لذلك : ولا يخفى أن ذلك من نوع الاستقسام بالأزلام . أما ما يعرض من غير اكتساب كأن يسمع قائلاً يقول : ما مفلح ، فليس من هذا القبيل كما جاءت به الأحاديث الصحيحة .
وعلم الكتف : علم يزعم أهل الشر والضلال أن من علمه يكون إذا نظر في أكتاف الغنم اطلع على أمور من الغيب ، وربما زعم المشتغل به أن السلطان يموت في تاريخ كذا ، وأنه يطرأ رخص أو غلاء أو موت الأعيان كالعلماء والصالحين ، وقد يذكر شأن الكنوز أو الدفائن ، ونحو ذلك . والموسيقى معروفة ، وكلها من الباطل كما لا يخفى على من له إلمام بالشرع الكريم .
والرعديات : علم يزعم أهله أن الرعد إذا كان في وقت كذا من السنة والشهر فهو علامة على أمور غيبية من جدب وخصب ، وكثرة الرواج في الأسواق وقلته ، وكثرة الموت وهلاك الماشية ، وانقراض الملك ونحو ذلك . والفرق بين العرافة والكهانة مع أ ، هما يشتركان في دعوى الاطلاع على الغيب : أن العرافة مختصة بالأمور الماضية ، والكهانية مختصة بالأمور المستقبلة ا ه منه .
وعلوم الشر كثيرة ، وقصدنا بذكر ما ذكرنا منها التنبيه على خستها وقبحها شرعاً ، وأن منها ما هو كفر بواح ، ومنها ما يؤدي إلى الكفر ، وأقل درجاتها التحريم الشديد . وقد دل بعض الأحاديث والآثار على أن العيافة والطرق والطيرة من السحر .
الكتاب : أضواء البيان
المؤلف : محمد الأمين الشنقيط<< Neues Textfeld >>

ما هى الرقية الشرعية

0
الرقيــة الشرعية
يقول الله سبحانه وتعالى" كَلاّ إِذَا بَلَغَتِ التّرَاقِي* وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ" القيامة:27.
الرُّقْـية: العوذة، والـجمع رُقًـى، وتقول: اسْتَرْقَـيْتُه فرقَانـي رُقْـية ، فهو  راقٍ، ورجل رَقَّاءٌ: صاحبُ  رُقًـى. يقال:  رَقَـى الراقـي رُقْـيةً  و رُقـيّاً إِذا عَوَّذَ ونفث فـي عُوذَتِه ، قال ابن الأَثـير:  الرُّقْـية العُوذة التـي  يُرْقـى بها صاحبُ الآفةِ كالـحُمَّى والصَّرَع وغير ذلك من الآفات.
وفي سنن ابن ماجة عَنْ أَبِي خزَامَةَ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرَأَيْتَ أَدْوِيَةً نَتَدَاوَى بِهَا وَرُقًى نَسْتَرْقِي بِهَا وَتُقًى نَتَّقِيهَا هَلْ تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ شَيْئًا قَالَ هِيَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ .
وفي صحيح مسلم عَنْ جَابِرٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرُّقَى فَجَاءَ آلُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ كَانَتْ عِنْدَنَا رُقْيَةٌ نَرْقِي بِهَا مِنَ الْعَقْرَبِ وَإِنَّكَ نَهَيْتَ عَنِ الرُّقَى قَالَ فَعَرَضُوهَا عَلَيْهِ فَقَالَ مَا أَرَى بَأْسًا مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ .
وعند مسلم عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ قال: رَخَّصَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لآلِ حَزْمٍ فِي رُقْيَةِ الْحَيَّةِ وَقَالَ لأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ مَا لِي أَرَى أَجْسَامَ بَنِي أَخِي ضَارِعَةً تُصِيبُهُمُ الْحَاجَةُ قَالَتْ لا وَلَكِنِ الْعَيْنُ تُسْرِعُ إِلَيْهِمْ قَالَ ارْقِيهِمْ قَالَتْ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ ارْقِيهِمْ.
وفي سنن الترمذي عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ قَالَ شَهِدْتُ خَيْبَرَ مَعَ سَادَتِي فَكَلَّمُوا فِيَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَلَّمُوهُ أَنِّي مَمْلُوكٌ قَالَ فَأَمَرَ بِي فَقُلِّدْتُ السَّيْفَ فَإِذَا أَنَا أَجُرُّهُ فَأَمَرَ لِي بِشَيْءٍ مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ وَعَرَضْتُ عَلَيْهِ رُقْيَةً كُنْتُ أَرْقِي بِهَا الْمَجَانِينَ فَأَمَرَنِي بِطَرْحِ بَعْضِهَا وَحَبْسِ بَعْضِهَا .

شـروط الرقيـة
 يقول ابن حجر العسقلاني: يستخلص من كلام أهل العلم أن الرقى تكون مشروعة إذا تحقق فيها ثلاثة شروط:
* أن لا يكون فيها شرك ولا معصية  .
* أن تكون بالعربية أو ما يفقه معناه .
* أن لا يعتقد كونها مؤثرة بذاتها بل بإذن الله تعالى .

صـفة الرقيـة
أن يقرأ الراقي على محل الألم ، أو على يديه للمسح بهما ، أو في ماء ونحوه ، وينفث إثر القراءة نفثا خاليا من البزاق ، وإنما هو نفس معه بلل من الريق أ.هـ "فتح الباري كتاب المرض".

تأثير الرقية في المرقي
يقول ابن القيم في الزاد: تعتمد الرقية على أمرين ، أمر من عند المعالج وأمر من جهة المصروع فالذي من جهة المصروع يكون بقوة نفسه وصدق توجهه إلى فاطر هذه الأرواح وبادئها والتعوذ الصحيح الذي تواطأ عليه القلب واللسان . والثاني من جهة المعالج بان يكون فيه هذان الأمران أيضا حتى أن بعض المعالجين من يكتفي بقوله، اخرج منه ، أو يقول ، بسم الله ، أو يقول  ،لاحول ولا قوة إلا بالله،  ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان يقول ، أخرج عدو الله أنا رسول الله ،.
   
ويقول في مدارج السالكين : ولا يتم هذا إلا بقوة من النفس الفاعلة وقبول من الطبيعة المنفعلة فلو لم تنفعل نفس الملدوغ لقبول الرقية ولم تقو نفس الراقي على التأثير لم يحصل البرء . فهنا أمور ثلاثة موافقة الدواء للداء وبذل الطبيب له وقبول طبيعة العليل فمتى تخلف واحد منها لم يحصل الشفاء وإذا اجتمعت حصل الشفاء ولا بد بإذن الله سبحانه وتعالى ، ومن عرف هذا كما ينبغي تبين له أسرار الرقى وميز بين النافع منها وغيره ورقى الداء بما يناسبه من الرقى وتبين له أن الرقية براقيها وقبول المحل كما أن السيف بضاربه مع قبول المحل للقطع وهذه إشارة مطلعة على ما وراءها لمن دق نظره وحسن تأمله والله أعلم .

يقول الدكتور عمر الأشقر: أحب أن انبه هنا إلى أن الرقى ليست مقصورة على إنسان بعينه ، فان المسلم يمكنه أن يرقي نفسه ويمكن أن يرقي غيره ، وان يرقيه غيره ويمكن للرجل أن يرقي امرأته ويمكن للمرأة أن ترقي زوجها، ولا شك أن صلاح الإنسان له أثر في النفع وكلما كان أكثر صلاحا كان أكثر نفعا، لأن الله يقول }إِنّمَا يَتَقَبّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتّقِينَ{ المائدة 27 . ولا صحة لما يدعيه بعض الذين يلجأ إليهم الناس من أن لهم خصوصية في نفع رقاهم لأخذهم العهد على الشيخ أو صاحب الطريقة ، فان هذا لا أصل له  وهو من الضلال، فالرقية دعاء والتجاء إلى الله والله يجيب دعوة الداعي إذا دعاه  }وَقَالَ رَبّكُمْ ادْعُونِيَ أَسْتَجِبْ لَكُمْ{غافر:60 أ.هـ.

ومن الأمور التي تساعد على تأثير الرقية في المرقي هي قناعة وتقبل المريض للرقية والراقي، فإذا فقد الم يكن المريض يعتقد بمنفعة الرقية من بعد إذن الله تعالى وكان فاقد الثقة والارتياح والانشراح للمعالج الذي يعالجه فإن ذلك يفقد الرقية كل أثر.

ومنها معرفة الراقي وخبرته في مجال الرقية ، وتشخيص الحالة، ومعرفته للآيات المناسبة للمرض ، وخبرته في استدراج ومجاهدة ومقارعة الشياطين وسحرة الجن .

ومنها إقبال الراقي على الرقية ، فالنفس لها إقبال وإدبار ، ولذلك تلاحظ اختلافا بينا في قوة الرقية لنفس الراقي ، فربما كان الراقي مجهدا نفسيا وبدنيا منشغل البال فتكون رقيته قليلة الأثر والنفع ، أما إذا كان صافي الذهن نشيط البدن مقبلا على الرقية عندها يحصل النفع بإذن الله تعالى .

يقول ابن قتيبة الدينوري في شرحه لقول الله تعالى:} إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37) { استمع كتاب الله وهو شاهد القلب والفهم ليس بغافل ولا ساه وهو اشارة الى المانع من حصول التأثير وهو سهو القلب وغيبته عن تعقل ما يقال له والنظر فيه وتأمله ؛ فإذا حصل المؤثر وهو القرآن ، والمحل القابل وهو القلب الحي ، ووجد الشرط وهو الإصغاء ، وانتفى المانع وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب وانصرافه إلى شيء آخر حصل الأثر وهو الانتفاع والتذكر  ا.هـ " أنظر كتاب الفوائد لشمس الدين إبن قيم الجوزية ص 16 "